شعور السلف بالمسئولية نحو العربية

يقول ابن منظور -رحمه الله تعالى- "ت1311هـ" -صاحب "لسان العرب"-، وهو يبين سبب تأليف معجمه:


"لم أقصد سوى حفظ أصول هذه اللغة النبوية، وضبط فضلها، إذ عليها مدار أحكام الكتاب العزيز، والسنة النبوية، وذلك لما رأيت قد غلب في هذا الأوان من اختلاف الألسنة والألوان، حتى لقد أصبح اللحن في الكلام يعد لحناً مردوداً، وصار النطق بالعربية من المعايب معدوداً، وتنافس الناس في تصانيف الترجمات في اللغة الأعجمية، وتفاصحوا في غير اللغة العربية، فجمعت هذا الكتاب في زمن أهله بغير لغته يفخرون، وصنـَعْتـُه كما صنع نوح الفلك وقومه منه يسخرون".
اهـ من مقدمة (لسان العرب).

هكذا السلف الغـُيـَّر المخلِصون الذين أقاموا من أنفسهم حراساً يقظين على اللغة، يذودون عن حماها، ينبهون الناس إلى الخطأ حتى يجتنبوه، ويردوهم إلى الصواب كي يلتزموه.

بل كان سلفنا الصالح -رحمهم الله تعالى- يعدون تعلم العربية وخدمتها وحبها من الدين، ومن حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

يدل على ذلك ما قاله الإمام أبو منصور الثعالبي -رحمه الله-:

"من أحب الله تعالى أحب رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أحب الرسول العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العرب والعجم، ومن أحب العربية عني بها، وثابر عليها، وصرف همته إليها، ومن هداه الله للإسلام، وشرح صدره للإيمان، وأتاه حسن سريرة فيه اعتقد أن محمداً صلى الله عليه وسلم خيرَ الرسل، والإسلامَ خيرَ الملل، والعربَ خيرَ الأمم، والعربيةَ خيرَ اللغات والألسنة، والإقبالَ على تفهمها من الديانة؛ إذ هي أداة العلم، ومفتاح التفقه في الدين، وسبب إصلاح المعاش والمعاد".

تعديل الرسالة…

هل تريد التعليق على التدوينة ؟